يعد المطرب العراقي كاظم الساهر أكثر من غنى بالفصحى، فقدّم عبر مسيرته التي بدأت عام 1984، نحو 90 قصيدة، استهلها بأغنية “لو كان قد أضناك” لمواطنه الشاعر أسعد الغريري عام 1989، فيما كانت البداية الأبرز عام 1994 في أول تعاون مع الشاعر السوري نزار قباني عبر قصيدة “اختاري”.
وشهدت التسعينيات تركيز الساهر على غناء القصيدة، بعد حصوله على تنازل من قبّاني لغناء ما يشاء من إرثه الشعري، إثر الشهرة الواسعة لأغنيتي “زيديني عشقاً” و”مدرسة الحب”، ثمّ جاءت إسطوانة “حبيبتي والمطر” عام 1999، التي ضمت سبع قصائد، لينال مطلع الألفية الجديدة لقب “فارس القصيدة العربية” بمهرجان دولي للأغنية في مصر.
إلاّ أن المغني الملقّب بـ “قيصر الأغنية العربية”، كثيراً ما وقع بأخطاء محرجة في النحو والتشكيل، فلا تخلو أسطوانة له من هفوات، كما في قصيدة “أنا وليلى” والتي تعدٌّ أشهر أغنياته، إذ لفظ “فقر الحال” بضم الفاء، قبل أن يستدرك خطأه في الحفلات لاحقاً، أو نطقه “إن كنتِ تريدين السكني” في أغنية “زيديني عشقاً” بفتح السين لا بضمّها.
في غياب نزار
وإن كانت أخطاء الساهر أقل في فترة التسعينيات، بحكم أنه كان يُطلع نزار قباني (1923 – 1998) على البروفات قبل تسجيل الأغنيات، إلا أن الألفية الجديدة، اتسمت بكثرة الأخطاء، وأوضحها كان في “مجزرة لغوية” تضمّنتها أغنية و”إني أحبُّكِ” من قصيدة نزار “أحبكِ، أحبكِ والبقية تأتي”، فقال “: “دعيني أؤسسُ دولةَ عشق، تكونين أنتِ (المليكةُ) فيها، وأصبحُ فيها أنا (أعظمُ) العاشقين”.
رفع كاظم الساهر في تلك القصيدة ما ينبغي نصبه في موضعين متتاليين، ليستدرك الخطأ عند تصوير الأغنية مع الفنانة السورية سلاف فواخرجي، إلا أنه وقع في خطأ جديد أثناء الإعادة، فنطق “أصبح” بفتح الهمزة لا بضمّها، واستمرت أخطاء الساهر مع شعر نزار حتى في الألبوم الذي كرّسه للشاعر الراحل فضم ثماني قصائد له.
في إسطوانة “كتاب الحب” والصادرة في عام 2016، صحح كاظم أخطاء وقعت في بعض الأغنيات حين كان يغنيها على المسرح قبل تسجيلها. في أغنية “فاكهة الحب” قال: “قولي أيَّ (عبارةَ) حُبٍّ”، ناصباً “عبارة”، وفي الأغنية الرئيسية التي كانت مقدمة مسلسل “مدرسة الحب”، أخطأ في “تلك (الشفاهِ) التي دوماً تقول بلى” كاسراً الهاء بدلاً من الضم.
إلا أن الأسطوانة بعد تسجيلها ورفعها على قناة الشركة المنتجة عبر يوتيوب، ظهر فيها خطأ “واضح وفاضح”، إذ قال الساهر في قصيدة “تناقضات”: “هنالك خمس دقائق لكي (أطمئنُ) عليكِ قليلا”، فرفع مجدداً بدلاً من النصب، فأعاد تسجيل الأغنية، واختفى الخطأ تماماً، بينما بقيت الأخطاء الفادحة في التسجيلات القديمة في أشرطة الكاسيت.
برفقة كريم العراقي
ولم تغب الأخطاء مع رفيق دربه الشاعر الراحل كريم العراقي (1955 – 2023)، كان أبرزها في قصيدة “تذكّر” عن معاناة أطفال العراق تحت الحصار الأمريكي في التسعينيات، إذ قال “باست جبينهم (المآذنَ) والكنائس” فنصب “المآذن” بدلاً من رفعها، قبل أن يستدركها في الحفلات اللاحقة. وفي أغنية “دلوعتي”، قال الساهر: كم صعبٌ عليَّ عدَّهم” فنصب (عدّهم) بينما حركة الدال الصحيحة الضمّ.
وفي أغنيتهما الملحمية “كان صديقي” أخطأ الساهر مجدداً بالرفع بدل النصف في قوله “كان صديقي وكانت (حبُّه) الأبدي”، وفي أغنيتهما الشهيرة “المحكمة” رفع “كثيرةٌ كانت علاقتي” والأصل هو النصب، وتمّ تصويبها في الفيديو كليب، وغيرها من الأخطاء التي كانت تثير التساؤلات إن كان الشاعر الراحل لم يكن يطلع على قصائد بعد التسجيل، رغم تواصله الدائم مع الساهر.
اعتراف وتبرير
ليس ما سبق، كلّ الأخطاء في النحو والتشكيل التي وقع فيها كاظم الساهر، فهي كثيرة وباعترافه في حوار متلفز مع قناة فرانس 24، بأن السبب “هو الارتجال على المسرح”، وأضاف “اللغة العربية تحتاج إلى مستشار لغوي”، مشيراً إلى نه كان يتصل بالشاعر نزار قباني ليساعده في تحريك الكلمات. إلا أن تبرير الساهر يظل قابلاً للنقض، فجل الأخطاء وقع فيها في أثناء تسجيل الأغنيات، وهو ما يفترض عرضها على مدقق أو أصدقاء متخصصين قبل طرحها، حتى الحفلات تسبقها “بروفات”، وقوله بأنه “يرتجل على المسرح” غير دقيق فهو يغني شعراً مكتوباً في الأصل بطريقة صحيحة، ولا يكتبه هو على المسرح مباشرة.