الشاب الخجول الذي ظهر على المسرح قبل نهاية الألفية الثانية بعامين، مغنياً من ألحانه “متى حبيبي متى”، كان اسمه “فضل عبد الرحمن شمندر” وبحكم قضائي أصبح “فضل شاكر”، بجنسية لبنانية لم تمنع انتشار معلومة تقول إنه فلسطيني من مواليد مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، عام 1969، وهي المعلومة التي تأخّر نفيها حتى أصبحت جزءاً من قدره.
ولادة فضل شاكر كانت في مدينة صور التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن مخيّم عين الحلوة، حيث كان يغني على أسطح المنازل في الأعراس وهو فتى في الخامسة عشرة، وفي واحدة من تلك الحفلات أغرم بفتاة فلسطينية، تزوّجها وهو في سن العشرين، ساعياً نحو قدره الفلسطيني الذي أصبح بوثيقة رسمية في العام 2012، عندما استجاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لطلب فضل بالحصول على الجنسية.
نجومية مطلقة
في أربع سنوات، منذ 1998 إلى 2002، أصدر فضل شاكر أربع إسطوانات أوصلته إلى الصفّ الأول بين نجوم المرحلة. غناء عالي الرومانسية، وصوت هادئ خال من الانفعال، وحضور راكزعلى المسرح من دون احتكاك زائد مع الجمهور، ومع الصحافة هناك مسافة ثابتة، عبر إطلالات متباعدة واعتذار شبه دائم عن المؤتمرات الصحافية التي تسبق حفلات كاملة العدد.
في عامه الفنيّ الخامس، 2023، ستحقق له أغنية “يا غايب” النجومية المطلقة، ثمّ تأتي “حياة الروح” التي تصدّرت استفتاءات 2005 كأشهر أغنية عربية، ولن يهبط رتم النجاحات حتى صدور إسطوانته “بعدا ع البال” في 2009، هنا وبعد 12 عاماً ظلّ فضل شاكر محافظاً على هويته الفنية شديدة الخصوصية، حتى هيئته ظلت ثابتة بدون أي تقليعات.
لا تفاصيل متداولة عن حياته الخاصة، حتى نفي فلسطينيته تكاسل عنه نحو عشرين عاماً، أبرز ما سيكون متاحاً للإعلام أنه يملك مطعماً في مدينة صيد يحمل اسم ابنته “ألحان”، أما سياسياً فلا مواقف سوى الغناء للانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000 – 2004) وإلغاء حفلاته الفنية في صيف 2006، بسبب “حرب تموز” بين حزب الله وإسرائيل.
لم يطلق فضل شاكر أي أغنية أو ألبوم بين عامي 2010 و 2011، واقتصر نشاطه الفني على حضور المهرجانات الموسمية في دول عربية غير تلك التي شهدت ما سمّي بـ “ثورات الربيع العربي”. اختفى فترة من الزمن عن الحضور الفني، حتى ظهر فجأة في 2012 وسط بيروت في تجمّع لرجل الدين اللبناني المتشدّد أحمد الأسير.
ندم التوبة
أطلق لحيته وأعلن اجتناب كل ما هو حرام باستثناء السيجار الذي كان يدخّنه، ودعا لـ “الجهاد” في سوريا ضدّ حكم الرئيس بشار الأسد، ولازم أحمد الأسير في خطاباته وصلواته وقتاله للجيش اللبناني في اشتباكات صيدا الدامية المعروفة بـ “معركة عبرا 2013” التي قُتل فيها 18عسكرياً، ليصدر حكم نهائي في 2018 بإعدام الأسير، أما فضل شاكر فسيواجه حتى العام 2020 أحكاماً قضائية يزيد مجموعها عن 35 عاماً، كلها غيابية. من منزل في مخيّم عين الحلوة، محتمياً بقدره الفلسطيني، أعلن فضل شاكر في 2018، وهو حليق الذقن، ندمه عن توبته، وعودته إلى الغناء، ورغبته بالعودة إلى “الحياة الطبيعية”. تبرّأ من أحمد الأسير، وأصدر أغنية ثمّ سيتبعها بأغنيات حققت ملايين الاستماعات، منها مشاركته في غناء مقدمة المسلسل المصري “لدينا أقوال أخرى”، قبل أن تتراجع الشركة المنتجة تحت ضغط جماهيري رافض لتوبته، وهو ما سيظهر الانقسام الكبير حول الفنان الإشكالي، فإن كان للرومانسي أن يتوب، فهل للجهادي أن يندم؟