لو تُفتح خطوط السفر لمرة واحدة فقط، سأركب أول طائرة أو مركب أو حتى مركوب، إلى جنيف، تحديداً إلى مقر منظمة الصحة العالمية، لأفهم على وجه الدقة، وبشكل لا يحتمل اللُّبس، ما هو المطلوب مني لمنع الإصابة بفيروس كورونا. أريد تطبيقاً عملياً من مدير المنظمة السيّد “أدهانوم” لكيفية غسل اليدين، بالماء البارد أم الساخن، بالصابون السائل أم النابلسي، وما هو عدد الثواني المطلوبة لقتل الفيروس التاجيّ الكريه من دون تعذيب.
يا سيد “أدهانوم” أستلحفكَ بكلّ ما تؤمن به، أريد إجابات محدّدة، بالأبيض أو الأسود، وبلا خيارات.. وبلا استدراك. ما هي مواصفات مطهّر اليدين، لونه وكثافته، ونسبة الكحول فيه، و”بلا زحمة” أن تشرح لي كيفية الاستخدام بالرسوم التوضيحية. تخيل يا رفيق أنه بعدما اشتريتُ زوجاً من كلّ أنواع المعقّمات، خرج خبير من طرفكم ليقول ببرود إنّ الفيروس يدخل جسم الإنسان من خلال العينين والفم والأنف. قلْ أي شيء يا رجل، فقد “كاد يقتلني بكَ التمثالُ”.
أصبت بكل ما يخطر على بالكَ من أنواع الرّهاب، فإن أفقتُ، يا عزيزي “أدهانوم”، وفي حلقي ألم (رغم أنّ هذا يحدث معي منذ ولدتُ في نهاية السبعينيات) أهرع راجفاً إلى غوغل، وإن سال أنفي (الذي كنتُ دائم الشكوى أنه سريع التأثر مثل أنوف النساء) أطارد النشرات الصحية مرئية ومسموعة، أما إن تقطّع نفَسي (كما يحدث في أيّ إقامة جبريّة شديدة الإغلاق) أذهب إلى الحمّام هلعاً، فيزداد هلعي حين أعرف أنّ تكرار الذهاب إلى الحمّام من علامات كورونا.. وأجنّ حين أسمع من خلالكم أن الإصابة بكورونا ليس من الضرورة أن تكون لها أعراض!
من سيخرجنا من هذا الحائط، ويعطينا كلاماً صافياً “من الآخر” عن حقيقة كورونا.. فهل صحيح يا سيد “أدهانوم” أن الفيروس خطة صينية شيوعية للسيطرة على العالم وكسر “رأس المالية”، أم أن رجلاً أفغانياً، كما يقولون، حمله من مختبرات كابول لقتل الجنود الأميركيين، ثم سافر بالفيروس القاتل لتضليل العدالة. وكيف يمكنك أن تردّ طبياً على مزاعم أن الفيروس حيلة أوروبية للتخلص من كبار السنّ.. قل أي شيء لكن لا تقر بأنه عقاب إلهي على تجاهلنا “زمان” أن نقول لمن يعطس “يرحمكم الله”!
ها أنا أدخل عليكَ يا سيّد “أدهانوم”، بالكمّامة والقفازات، مع مراعاة التباعد بستّ أقدام كاملة، أتأمّل أن أجد عندك إجابات غير دبلوماسية، محددة بـ نعم أم بـ لا، بيضاء أو سوداء لا يهمّ، فقد قال عادل إمام مرة على المسرح “كلّنا هنموت”، وإلاّ فإني مضطرّ إلى تسليم رأسي الحليق إلى الأستاذ مفيد فوزي وزملائه على قمر النيل سات. سأنكر أولاً وجود الفيروس من الأساس، ولما يصبح واقعاً لا مفرّ، أحاربه بالبهارات الهندية، وإن نفذ، فلن ينجو حتماً من “الملوخية” الناشفة!